ولد لوكا مودريتش في التاسع من سبتمبر عام 1985 في قرية مودريتشي الصغيرة بالقرب من زادار في كرواتيا، وكانت طفولته مليئة بالمصاعب والصمود. فقد أجبرت حرب الاستقلال الكرواتية، التي بدأت عندما كان مودريتش في السادسة من عمره فقط، عائلته على الفرار من منزلها بعد مقتل جده بشكل مأساوي على يد القوات الصربية. عاش مودريتش كلاجئ في زادار، وكانت حياته المبكرة مليئة بالتحديات المرتبطة بالنمو وسط الصراع وعدم الاستقرار.
وعلى الرغم من الظروف المروعة، وجد مودريتش العزاء والشعور بالطبيعية في كرة القدم. فقد أمضى ساعات لا حصر لها في ركل الكرة في ممرات الفنادق التي لجأت إليها عائلته. وأصبحت كرة القدم أكثر من مجرد لعبة بالنسبة لمودريتش؛ فقد كانت بمثابة ملاذه وشغفه، ومنارة أمل في الأوقات العصيبة. وسرعان ما لاحظ المدربون المحليون موهبته، وفي سن العاشرة، انضم إلى أكاديمية الشباب في نادي زادار، وهي الخطوة التي مهدت الطريق لمسيرته المهنية المستقبلية.
في عام 2002، اتخذ لوكا مودريتش خطوة مهمة في رحلته الكروية عندما انضم إلى أكاديمية الشباب في دينامو زغرب، النادي الأكثر نجاحًا في كرواتيا. وعلى الرغم من قامته الصغيرة وجسده النحيف، برز مودريتش بسرعة بفضل مهاراته الفنية الاستثنائية ورؤيته وذكائه في التعامل مع الكرة. تميزت سنواته الأولى في دينامو زغرب بالتطور السريع، سواء جسديًا أو عقليًا، حيث تكيف مع قسوة كرة القدم الاحترافية.
لاكتساب الخبرة، تم إعارة مودريتش إلى زرينجسكي موستار في البوسنة والهرسك، حيث واجه الدوري البوسني الممتاز الذي يتطلب مجهودًا بدنيًا كبيرًا. وعلى الرغم من البيئة الصعبة، تفوق مودريتش، وحصل على جائزة أفضل لاعب في الدوري البوسني الممتاز في سن 18 عامًا فقط. كانت هذه الفترة حاسمة في تشكيل مرونة مودريتش وقدرته على النجاح تحت الضغط.
بعد عودته إلى دينامو زغرب، سرعان ما أصبح مودريتش لاعبًا رئيسيًا للفريق الأول. كان إبداعه ودقة تمريراته وقدرته على التحكم في إيقاع المباراة عاملاً أساسياً في قيادة دينامو إلى ثلاثة ألقاب متتالية في الدوري الكرواتي وانتصارين في كأس كرواتيا. وبحلول الوقت الذي غادر فيه إلى توتنهام هوتسبير في عام 2008، كان مودريتش قد أثبت نفسه كواحد من أكثر المواهب الشابة الواعدة في كرة القدم الأوروبية.
تميزت حياة لوكا مودريتش المبكرة ومسيرته في الشباب بالتغلب على الشدائد وإثبات خطأ المشككين فيه باستمرار. من تحديات النشأة في بلد مزقته الحرب إلى الصعود عبر صفوف كرة القدم الكرواتية، فإن رحلة مودريتش هي شهادة على مرونته وعمله الجاد وموهبته التي لا يمكن إنكارها. ستدفعه هذه الصفات في النهاية إلى قمة كرة القدم العالمية، حيث سيصبح أحد أعظم لاعبي خط الوسط في جيله.